الفائدة الثانية والأربعون بعد المائة:
لا تنظر إلى الأشكال؛ فربما بعضُ العصاة أفضل حالاً ممن ظاهره الاستقامة!
قال أبو عبدالله محمد بن أحمد القرطبي -رحمه الله- في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم))([1]) قال:
وهذا حديث عظيم! يترتب عليه ألا يُقطَع بعيب أحد لما يُرى عليه من صور أعمال الطاعة أو المخالفة، فلعل من يحافظ على الأعمال الظاهرة يعلم اللهُ من قلبه وصفاً مذموماً لا تصح معه تلك الأعمال، ولعل من رأينا عليه تفريطاً أو معصية يعلم اللهُ من قلبه وصفاً محموداً يغفر له بسببه، فالأعمال أمارات ظنية لا أدلة قطعية، ويترتب عليها عدمُ الغلو في تعظيم مَن رأينا عليه أفعالاً صالحة، وعدم الاحتقار لمسلم رأينا عليه أفعالاً سيئة؛ بل تُحتَقر وتذم تلك الحالة السيئة، لا تلك الذات المسيئة، فتدبّر هذا، فإنه نظر دقيق، وبالله التوفيق.
[جامع أحكام القرآن: (١٦/ ٣٢٦، ٣٢٧ )].