الفائدة الأولى: في قصة ومعنى (كناشة النوادر) :
قال الأستاذ عبدالسلام هارون (ت: 1408هـ) في كتابه "كناشة النوادر" (ص:5):
تراثنا العربي زاخر بأنواع شتي من المعارف، بها جلاء لكثير من غوامض العلم كما انه مشحون بالطرائف وغذاء الذهن والروح واللسان أيضاً.
وكثيرا ما يقرأ الإنسان شيئا فيعجبه، ويظن أنه قد علق بذاكرته، فإذا هو في الغد قد ضاع منه العلم وضاع معه مفتاحه فأنتهي إلى حيرة في استعادته واسترجاعه.
والباحثون ـ ولاسيما في أيامنا هذه ـ يقيدون هذه المعارف في جذاذات، يرجعون إليها عند الحاجة، ولكني سلكت طريقاً أوثق من طريق الجذاذات، هو دفتر الفهرس وهو الذي سميته: (كناشة النوادر) أقيد فيها رؤوس المسائل، مرتبة علي حروف الهجاء مقرونة بمراجعها، وقد وجدت أن هذه التسمية ـ مع ما فيها من التوليد أو التعريب ـ أقرب في الدلالة وأدق في التعبير؛ ففي القاموس: كناشات بالضم والشد: الأصول التي تتشعب منها الفروع.
وعلق صاحب تاج العروس بقوله: نقله الصاغاني عن ابن عباد.
إذن فهنا أصل عربي يولد منه كناشة الأوراق.
ويعقب عليه صاحب التاج ـ أيضاً بقوله ـ: قلت ومنه الكناشة الأوراق تجعل كالدفتر يقيد فيها الفوائد والشوارد للضبط، هكذا يستعمله المغاربة واستعمله شيخنا - يعني ابن الطيب الفاسي اللغوي - في حاشيته علي هذا الكتاب كثيراً.
يعني حواشي ابن الطيب علي القاموس اما الخفاجي: في شفاء الغليل، فيضبطه بلفظ كُنَاش ـ بضم الكاف وتخفيف النون بزنة غراب، ويقول: إنه لفظ سرياني، معناه المجموعة والتذكرة، وقد وقع هذا اللفظ كثيراً في كلام الحكماء، وسموا به بعض كتبهم.
ثم استطرد الأستاذ في ذكر أمثلة من مجاميع العلماء ثم قال:
وأعتقد أني بذلك قد أطلت واستطردت في تعليل تسمية مذكراتي هذه باسم: كناشة النوادر.