لماذا لم يؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم؟

QR code
أ.د. عمر بن عبدالله المقبل
تاريخ التحديث: 2016-03-29 15:31:38
السؤال كاملا

لماذا لم يؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم؟

الإجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقد ذكر أهل العلم رحمهم الله جملة من الحكم والعلل لعدم أذان النبي صلى الله عليه وسلم، منها:

أنه لم يؤذن؛ لأن فعله سيكون آكد لذلك العمل، وربما تقاتل الناس على ذلك العمل، فكان عدم أذانه هو تخفيف للأمة ورحمة بهم، ويؤيد هذا التعليل أنه لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وأمر الناس أن ينحروا ولم ينحروا ثم نحر هو بنفسه، فلما رآه الناس تبادروا إلى النحر حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا([1]). فكان فعله تشجيعًا لهم.

ومنها: أن الأذان دعوة، والنبي لو رفع الأذان وقال: حي على الصلاة لزم تَحَتُّمُ حضور الجماعة؛ لأنه آمِرٌ وَدَاعٍ, وإجابة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة فتركه شفقةً على أُمَّتِه، ولِأنه لو قال: حي على الصلاة, ولم يعجلوا لحقتهم العقوبة, لقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].

ومنها: أنه كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه إذا عمل عملا أثبته -أي جعله دائما- وكان لا يتفرغ لذلك، لاشتغاله بتبليغ الرسالة، وهذا كما قال عمر: لولا الخلافة لأذنت".

ومنها: ضيق وقته عنه ـ وكذا الحال في الخلفاء من بعده ـ لانشغالهم بمصالح المسلمين التي لا يقوم بها غيرهم, فلم يتفرغوا للأذان, ومراعاة أوقاته.

وأمّا الحديث الوارد في أنه صلى الله عليه وسلم قد أذّن على راحلته ـ كما رواه الترمذي([2]) ـ فالكلام عليه من وجهين:

الأول: أن في سنده عمرو بن عثمان بن يعلى بن مرة، وهو وأبوه في عداد المجاهيل.

الثاني: أنه وقع تفسير هذه الرواية المجملة في مسند الإمام أحمد([3]): "فامر المؤذن فأذن وأقام"، فكأن نسبته إليه من باب أنه أمر به.

وقد ضعف هذا الحديث الترمذي والبيهقي وابن العربي.

يقول الحافظ ابن حجر: "ومما كثر السؤال عنه هل باشر النبي صلى الله عليه و سلم الأذان بنفسه، وقد وقع عند السهيلي أن النبي صلى الله عليه و سلم أذن في سفر وصلى بأصحابه، وهم على رواحلهم السماء من فوقهم والبلة من أسفلهم أخرجه الترمذي من طريق تدور على عمر بن الرماح يرفعه إلى أبي هريرة، وليس هو من حديث أبي هريرة، وإنما هو من حديث يعلى بن مرة، وكذا جزم النووي بان النبي صلى الله عليه و سلم أذن مرة في السفر وعزاه للترمذى وقواه، ولكن وجدناه في مسند أحمد من الوجه الذي أخرجه الترمذي ولفظه: فأمر بلالا فأذن فعرف أن في رواية الترمذي اختصارًا، وأن معنى قوله: أذن. أمر بلالا به كما يقال أعطى الخليفة العالم الفلانى ألفا وإنما باشر العطاء غيره ونسب للخليفة لكونه آمرا به".([4])



[1]- أخرجه البخاري ح (2731 و2732).

[2]- أخرجه الترمذي ح (411).

[3]- أخرجه أحمد ح (17609).

[4]- فتح الباري (2/79).

8225 زائر
2 | 0
المقال السابق
المقال التالى

روابط ذات صلة
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:53:51
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 01:26:57
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:57:18
التاريخ: 1/11/1440هـ الموافق: 2019-07-04 13:09:28
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:59:08
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 00:55:45
التعليقات