الفائدة السادسة والخمسون: (حكم الشطرنج)
سئل الإمام أحمد عن الشطرنج؟ فقال: لا أعلم فيها سوى حديث علي، مرّ على بقومٍ يلعبون بالشطرنج، فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟! [المنتخب من علل الخلال(10)].
والفائدة: أن أحمد يُعِل جميعَ المرفوع في الباب.
وثمة نصوص عن أحمد تدل على أنه يرى النهي عنه -وربما التحريم- نقلها الخلال في كتابه "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، منها:
١) أنه لا يرى بأساً في إتلاف الشطرنج بلا ضمان. (ص٥٦).
٢) أنه قال-لمن سأله عن السلام على لاعب الشطرنج وهو يلعب-: ليس بأهل أن يُسلَّم عليه. (ص٦١ ).
٣) وسئل أحمد: هل كرهه أحدٌ غير علي؟ فقال: نعم، ابن عمر. والله الموفق.
وأما حكم الشطرنج عند الفقهاء -رحمهم الله- فمختلف فيه، وعن الإمام أحمد رواية تدل على تحريمه، ففي [مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني (ص: 372)]: قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن رجل مرّ بقوم يلعبون بالشطرنج، فنهاهم فلم ينتهوا، فأخذ الشطرنج فرمى به؟ فقال: قد أحسن، قيل لأحمد: ليس عليه شيء؟ قال: لا، قيل لأحمد -وأنا أسمع-: وكذلك إن كسر عوداً أو طنبوراً؟ قال: نعم.
قال الماوردي: روى الشافعي عن سعيد بن جبير أنه كان يلعب بها استدباراً، قال المزني: فقلت للشافعي: فكيف كان يلعب بها استدباراً؟ فقال: كان يوليها ظهره ويقول للغلام: بماذا دفع؟ فيقول: بكذا؛ فيقول: ائت بكذا.([1])
وممن ضعف الأحاديث الواردة في الباب:
المنذري حيث قال: "اختلفوا في اللعب بالشطرنج؛ فذهب بعضهم إلى إباحته لكن بشروط...وممن ذهب إلى إباحته سعيد بن جبير، والشعبي، وكرهه الشافعي كراهة تنزيه، وذهب جماعاتٌ من العلماء إلى تحريمه كالنرد، وقد ورد ذِكر الشطرنج في أحاديث لا أعلم لشيء منها إسناداً صحيحاً ولا حسناً. وَالله أعلم" انتهى.([2])
وقال ابن حجر: لا يثبت في الشطرنج عن النبي صلى الله عليه وسلم شيءٌ.
وقال تلميذه السخاوي: ليس في هذا الباب حديث صحيح بل ولا حسن.
وقال العجلوني: وباب اللعب بالشطرنج ليس فيه حديث صحيح.([3])