قال
ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "والمرض في القلب كالمرض في الجسد، فكما أن هذا هو إحالة
عن الصحة والاعتدال من غير موت، فكذلك قد يكون في القلب مرض يحيله عن الصحة
والاعتدال من غير أن يموت القلب، سواء أفسد إحساس القلب وإدراكه، أو أفسد عمله
وحركته.
وذلك
- كما فسروه -: هو من ضعف الإيمان; إما بضعف علم القلب واعتقاده وإما بضعف عمله
وحركته، فيدخل فيه من ضعف تصديقه ومن غلب عليه الجبن والفزع; فإن أدواء القلب من
الشهوة المحرمة والحسد والجبن والبخل وغير ذلك كلها أمراض. وكذلك الجهل والشكوك
والشبهات التي فيه.
وعلى
هذا فقول: {فيطمع الذي في قلبه مرض} هو إرادة الفجور وشهوة الزنا كما فسروه به.
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وأي داء أدوأ من البخل ؟"، وقد جعل
الله تعالى كتابه شفاء لما في الصدور وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما
شفاء العي السؤال".
وكان
يقول في دعائه : "اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأهواء
والأدواء".
ولن
يخاف الرجل غير الله إلا لمرض في قلبه كما ذكروا أن رجلاً شكا إلى أحمد بن حنبل
خوفه من بعض الولاة فقال: "لو صححت لم تخف أحداً". أي: خوفك من أجل زوال
الصحة من قلبك؛ ولهذا أوجب الله على عباده أن لا يخافوا حزب الشيطان; بل لا يخافون
غيره تعالى فقال : {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم
مؤمنين} أي: يخوفكم أولياءه. وقال لعموم بني إسرائيل تنبيها لنا : {وإياي فارهبون}
[مجموع فتاويه ٢٨/٤٤٨].