الفائدة الواحدة والثمانون:
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى(10/ 95) تعليقا على قوله تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}[الأحزاب: 32]:
وهو مرض الشهوة؛ فإن القلب الصحيح لو تعرضت له المرأة لم يلتفت إليها، بخلاف القلب المريض بالشهوة؛ فإنه لضعفه يميل إلى ما يعرض له من ذلك بحسب قوة المرض وضعفه، فإذا خضعن بالقول طمع الذي في قلبه مرض، والقرآن شفاء لما في الصدور، ومن في قلبه أمراض الشبهات والشهوات ففيه من البينات ما يزيل الحق من الباطل، فيزيل أمراض الشبهة المفسدة للعلم والتصور والإدراك؛ بحيث يرى الأشياء على ما هي عليه، وفيه من الحكمة والموعظة الحسنة - بالترغيب والترهيب والقصص التي فيها عبرة - ما يوجب صلاح القلب؛ فيرغب القلب فيما ينفعه، ويرغب عما يضره، فيبقى القلب محباً للرشاد مبغضاً للغي، بعد أن كان مريداً للغي مبغضاً للرشاد.
فالقرآن مزيل للأمراض الموجبة للإرادات الفاسدة حتى يصلح القلب فتصلح إرادته، ويعود إلى فطرته التي فطر عليها، كما يعود البدن إلى الحال الطبيعي، ويغتذي القلب من الإيمان والقرآن بما يزكيه ويؤيده كما يغتذي البدن بما ينميه ويقومه؛ فإن زكاة القلب مثل نماء البدن" انتهى.