الفائدة 219: إذا زاد عن حده انقلب ضده
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
"ومِن شأن الجسد إذا كان جائعًا فأخذ من طعامه حاجته؛ استغنى عن طعام آخر، حتى لا يأكله -إن أكل منه- إلا بكراهة وتجشُّم، وربما ضره أكلُه، أو لم ينتفع به، ولم يكن هو المغذي له الذي يقيم بدنه، فالعبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعضَ حاجته؛ قلّت رغبته في المشروع وانتفاعُه به بقدر ما اعتاض من غيره، بخلاف من صرف نهمتَه وهمَّته إلى المشروع؛ فإنه تعظُم محبتُه له، ومنفعته به، ويتم دينه، ويَكمُل إسلامُه.
ولذا تجد مَن أكثر مِن سماع القصائد لطلب صلاح قلبه؛ تنقص رغبتُه في سماع القرآن، حتى ربما كرهه! ومن أكثر من السفر إلى زيارات المشاهد ونحوها؛ لا يبقى لحج البيت الحرام في قلبه مِن المحبة والتعظيم ما يكون في قلب من وسعته السنة، ومَن أدمن على أخذ الحكمة والآداب من كلام حكماء فارس والروم؛ لا يبقى لحكمة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الموقع، ومن أدمن قصص الملوك وسِيَرهم؛ لا يبقى لقصص الأنبياء وسيرهم في قلبه ذاك الاهتمام، ونظير هذا كثير..."
["اقتضاء الصراط المستقيم": (١/٥٤٢)].