رأي الشيخين (السعدي وابن عثيمين)، في الصعود للفضاء

QR code
د. عمر بن عبد الله المقبل
تاريخ التحديث: 2014-06-28 01:38:06
  • الكلمات الدالة
السؤال كاملا

أود أن أسأل عن رأي الشيخ السعدي وابن عثيمين في: (هل الخروج إلى الفضاء خروج من أقطار السماوات والأرض؟ والحكم في حال كونه خروجاً أو غير خروج، أرجو التفصيل

الإجابة

هذه الآية التي تذكر ـ أخي السائل ـ في يوم القيامة، قال العلامة السعدي في تفسيره لهذه الآية:

"أي: إذا جمعهم الله في موقف القيامة، أخبرهم بعجزهم وضعفهم، وكمال سلطانه، ونفوذ مشيئته وقدرته، فقال معجزاً لهم: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ}(سورة الرحمن:33) أي: تجدون منفذاً مسلكاً تخرجون به عن ملك الله وسلطانه،{فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ} أي: لا تخرجون عنه إلا بقوة وتسلط منكم، وكمال قدرة، وأنى لهم ذلك؛ وهم لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً؟! ففي ذلك الموقف لا يتكلم أحد إلا بإذنه، ولا تسمع إلا همساً، وفي ذلك الموقف يستوي الملوك والمماليك، والرؤساء والمرؤوسون، والأغنياء والفقراء".([1])

أما رأي شيخنا العلامة العثيمين -رحمه الله- فهو صريح في رد الاستدلال بهذه الآية الكريمة على نفي الصعود إلى القمر، فقال في رسالته في (حول الصعود إلى القمر):

"وأما كون القرآن لا يدل على وصول السفن الفضائية إلى القمر؛ فلأن الذين ظنوا ذلك استدلوا بقوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ}(سورة الرحمن:33)، وفسروا السلطان بالعلم، وهذا الاستدلال مردود من وجوه:

الأول: أن سياق الآية يدل على أن هذا التحدي يكون يوم القيامة، ويظهر ذلك جلياً لمن قرأ هذه السورة من أولها؛ فإن الله ذكر فيها ابتداء خلق الإنسان والجان، وما سخر للعباد في آفاق السموات والأرض، ثم ذكر فناء من عليها، ثم قال: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ}(سورة الرحمن: 31).

وهذا الحساب، ثم تحدى الجن بأنه لا مفر لهم ولا مهرب من أقطار السموات والأرض فيستطيعون الهروب، ولا قدرة لهم على التناصر فينصروا وينجوا من المرهوب، ثم أعقب ذلك بذكر الجزاء لأهل الشر بما يستحقون، ولأهل الخير بما يؤملون ويرجون.

ولا شك أن السياق يبين المعنى ويعينه، فرب كلمة أو جملة صالحة لمعنى في موضع ولا تصلح له في موضع آخر، وأنت ترى أحياناً كلمة واحدة لها معنيان متضادان يتعين المراد منهما بواسطة السياق كما هو معروف في كلمات الأضداد في اللغة.

فلو قدر أن الآية الكريمة تصلح أن تكون في سياق ما خبراً لما سيكون في الدنيا فإنها في هذا الموضع لا تصلح له، بل تتعين أن تكون للتهديد والتعجيز يوم القيامة؛ وذلك لما سبقها ولحقها من السياق.

الثاني: أن جميع المفسرين ذكروا أنها للتهديد والتعجيز، وجمهورهم على أن ذلك يوم القيامة، وقد تكلم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي على هذه الآية في سورة الحجر عند قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ}(سورة الحجر: 16،17). ووصف من زعم أنها تشير إلى الوصول إلى السماء وصفه بأنه لا علم عنده بكتاب الله.

الثالث: أنه لو كان معناها الخبر عما سيحدث؛ لكان معناها:

يا معشر الجن والإنس إنكم لن تنفذوا من أقطار السموات والأرض إلا بعلم، وهذا تحصيل حاصل!! فإن كل شيء لا يمكن إدراكه إلا بعلم أسباب إدراكه والقدرة على ذلك.

ثم إن هذا المعنى يسلب الآية روعتها في معناها وفي مكانها، فإن الآية سبقها الإنذار البليغ بقوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ}، وتلاها الوعيد الشديد في قوله: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ}(سورة الرحمن: 35). انتهى المقصود من كلامه، ويمكنك مراجعتها.



([1]) تفسير السعدي، ص: (830).

5377 زائر
0 | 0
المقال السابق
المقال التالى

روابط ذات صلة
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:53:51
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 01:26:57
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:57:18
التاريخ: 1/11/1440هـ الموافق: 2019-07-04 13:09:28
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:59:08
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 00:55:45
التعليقات