الحمد لله والصلاة والسلام على رسول
الله، أما بعد:
فهنيئًا لك -أيتها الأخت السائلة- ما
منَّ الله به عليك من التوبة النصوح إن شاء الله، ونسأل الله أن يثبتك على ما أنت
عليه، وأن يثيبك عليه خيرًا.
واعلمي –بارك الله فيك - أنه ينبغي على
من تصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يصبر على أذى الناس، قال تعالى: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ
وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ
الْأُمُورِ} [لقمان: 17]، وينبغي عليك أيضًا أن تسلكي مع من تنصحهن الحكمة
والموعظة الحسنة، فرغبهن ورهبهن وذكرهن ببعض الآيات والأحاديث المتعلقة بهذا
الأمر، مثل قوله تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ
بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا
فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ }
[الحجرات: 12]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أتدرون
ما الغيبة"، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "ذكرك أخاك بما يكره"،
قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن
لم يكن فيه فقد بهته"([1])،
وغير ذلك من الآيات والأحاديث التي تصلح لهذا المقام.
فإن بذلت وسعك في النصيحة ولم يستجبن،
فأعرضي عنهن إن استطعت ذلك، قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ
عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ
الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
[الأنعام: 68]، وقال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ
آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ
حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ
} [النساء: 140]، وإن لم تستطيعي مغادرة
المجلس، فلا شيء عليك -إن شاء الله- قال تعالى: {لَا
يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } [البقرة: 286]، وقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا نهيتكم عن شيء
فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"([2])، ونسأل الله أن يتقبل
منا ومنك صالح الأعمال، هذا والله تعالى أعلم.
ارسال الفتوى