الحمد لله والصلاة والسلام على رسول
الله، أما بعد:
فإنه من المحزن حقًا في هذه الأيام
كثرة حالات الطلاق في بيوت المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله، وذلك دون سبب مقنع
أو خلافات جوهرية بين الزوجين، وقد يكون بسبب تساهل بعض المسلمين في استخدام حقه
في أمر الطلاق.
وأما بالنسبة لما ذكرته -أيها الأخ
السائل- فهو صورة من صور الطلاق المعلق، وهو لا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يقصد بذلك إيقاع
الطلاق، فهو طلاقٌ قولاً واحدا.
الحال الثانية: أن يقصد بذلك التهديد
أو الزجر أو المنع أو ما شابه ذلك، فهذا يقع طلاقاً عند الأئمة الأربعة رحمهم
الله.
وذهب بعض العلماء في هذه الحال إلى أن
الطلاق لا يقع بحصول المعلق عليه, وإنما تلزمه كفارة يمين، وهذا اختيار جماعة من
أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية.
وهذا القول مع قوته إلا أنه مخالف لقول الأئمة الأربعة ـ رحمهم الله ـ، كما أن القول بوقوعه
فيه سدّ لباب التلاعب بهذا الحكم الشرعي الخطير.
والذي يظهر لي
ـ والعلم عند الله ـ وجاهة القول بأنه لا يقع ما دام قصد به الزجر أو المنع ونحو
ذلك، وإنما هو يمين يكفرها، وكفارة اليمين هي ما ذكره الله تعالى في قوله: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ
مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ
يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ
وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89].
وبناء على أن زوج أختك كان لا يقصد من
تعليقه الطلاق سوى التهديد أو المنع أو الزجر أو ما شابه ذلك وليس نيته الطلاق، فعليه
أن يكفر كفارة يمين، وما زالت أختك في عصمة زوجها.
أما إن كان يقصد بذلك إيقاع الطلاق،
فهو طلاق قولاً واحداً. والله تعالى أعلم.
ارسال الفتوى