هل على من ترك النوافل شيء؟

QR code
أ.د. عمر بن عبدالله المقبل
تاريخ التحديث: 2016-09-21 11:03:50
السؤال كاملا

أنا أصلي النوافل قبل الظهر وبعده، ولكن في بعض الأوقات أتركها لمشقة، فهل علي شيء؟

الإجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن الصلاة التي يأثم الإنسان بإجماع أهل العلم هي الصلوات الخمس المفروضة، وما سوى ذلك من الصلوات فلا يأثم الإنسان بتركه على الصحيح من أقوال العلماء، فهو دائر بين السنيّة والسنية المؤكدة أو فرض الكفاية؛ لما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات في اليوم والليلة". فقال: هل علي غيرها؟ قال: "لا إلا أن تطَّوع"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وصيام رمضان". قال: هل علي غيره؟ قال: "لا إلا أن تطَّوع". قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال: "لا إلا أن تطَّوع"، قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق".([1]) وفي رواية: "دخل الجنة إن صدق".([2])

وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمنهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ....".([3])

ولكن ينبغي للمسلم أن يكون حريصًا على فعل النوافل، وخاصة الرواتب التي كان يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، لأثرها في جبر ما يقع من نقص في الصلوات المفروضة، ولما رتّب الشرع المطهر عليها من الثواب العظيم، فقد روى أبو داود ـ واللفظ له ـ والترمذي في جامعه –وقوّاه بعض أهل العلم- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ الناسُ به يومَ القيامة من أعمالهم الصلاةُ،  يقول ربنا عز وجل لملائكتِه ـ وهو أعلمُ ـ: انظُروا في صلاةِ عَندي أتَمها أم نَقَصَها؟ فإن كانت تامّةَ كُتِبَت له تامَةَ، وإن كان انتَقَصَ منها شيئاً، قال: انظُروا، هل لعَبدي من تَطوُّعٍ؟ فإن كان له تطوع قال: أتِمّوا لعَبدي فَرِيضتَه من تَطوُّعِه. ثم تُؤخَذُ الأعمالُ على ذاكُم"([4])

وأما فضل الرواتب خاصة، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أم حبيبة رضي الله عنها ـ زوج النبي صلى الله عليه وسلم ـ أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بني الله له بيتا في الجنة، أو إلا بُنِىَ له بيت في الجنة".([5])

وفعل النوافل عامة سبب في محبة الله عز وجل للعبد، كما في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: "ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه"([6])، فالنوافل كما أنها علامة على محبة العبد للصلاة ـ التي هي أحب الأعمال إلى الله ـ فهي سبب عظيم لنيل ولاية الله ومحبته.

نسأل الله أن يُعِننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله تعالى أعلم.



[1]- أخرجه البخاري ح (46)، ومسلم ح (109).

[2]- أخرجه البخاري –وهذا لفظه- ح (1891)، ومسلم ح (110).

[3]- أخرجه البخاري ح (1395)، ومسلم ح (130).

[4]- أخرجه أبو داود ح (864)، والترمذي ح (415) وغيرهما، وقال الترمذي: حسن غريب، ولعله قوي بمجموع طرقه.

[5]- أخرجه مسلم ح (1729).

[6]- أخرجه البخاري ح (6502).

1654 زائر
0 | 0
المقال السابق
المقال التالى

روابط ذات صلة
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:53:51
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 01:26:57
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:57:18
التاريخ: 1/11/1440هـ الموافق: 2019-07-04 13:09:28
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:59:08
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 00:55:45
التعليقات