الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا الذي يفعله بعض أئمة المساجد من
التخصيص لهاتين السورتين في صلاة العشاء ليلة الجمعة أو لغيرها من السور، فلا أعلم
له أصلاً من السنة، ولا من آثار الصحابة رضي الله عنهم، إذ لم يثبت عنه صلى الله
عليه وسلم أنه خصص لصلاة العشاء ليلة الجمعة سور أو آيات معينة يقرأها، وأما ما
ورد في أنه: "كان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة سورة الجمعة
والمنافقين"([1])، فهذا حديث ضعيف، رواه
ابن حبان وغيره، وفيه سعيد بن سماك بن حرب، وهو: متروك، كما قال أبوحاتم الرازي
رحمه الله.([2])
وما دام أنه لا يداوم فهو أيسر، لكن
فعل ذلك أحياناً قد يوهم بعض العامة أن لها دليلاً، خاصةً إن فعلها من يتوسم فيه
العلم.
والخير كل الخير في اتباع السنة والحرص
عليها، دون استحسان لشيء منها بمجرد الرأي، كما قال ابن مسعود: "اتبعوا ولا
تبتدعوا فقد كُفيتم"، وقال الإمام مالك ـ رحمه الله ـ: "من ابتدع في
الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن
الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فما لم يكن
يومئذٍ ديناً فلا يكون اليوم ديناً".([3])،
هذا والله تعالى أعلم.
ارسال الفتوى