ما حكم إرسال الأضحية إلى خارج البلاد؛ نظراً لشدة حاجة...

QR code
د. عمر بن عبد الله المقبل
تاريخ التحديث: 2018-08-12 19:26:48
  • الكلمات الدالة
السؤال كاملا

ما حكم إرسال الأضحية إلى خارج البلاد؛ نظراً لشدة حاجة المسلمين في كثير من البلدان خارج السعودية، وكثرة الأضاحي التي تضحى هنا؟ علماً أنني وأسرتي لدينا عدة أضاحي، فنذبح بعضها هنا، وبعضها في الخارج.

الإجابة

لا ريب أن ذبح الأضاحي من أعظم القربات إلى الله تعالى، ومن الشعائر الظاهرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يباشرها بنفسه، ويعتني بها، امتثالاً لأمر ربه تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، ولمشروعيتها مقاصد كثيرة، من أعظمها: تحقيق العبودية لله تعالى، والامتثال لأمره، والتأسي برسوله صلى الله عليه وسلم، وبالخليل الأول إبراهيم عليه الصلاة والسلام، بالإضافة إلى ما يحصل بهذه الشعيرة من ترفّه أناس بما رزقهم الله من بهيمة الأنعام، ودفع الشدة عن آخرين، وما يترتب على ذلك من التصدق بها على الفقراء والمحتاجين، وغير ذلك من المقاصد الحسنة.

ولما يسّر الله تعالى في العقود الثلاثة الأخيرة نقلَ هذه الأضاحي من بلد إلى آخر، كثر السؤال عن حكم نقلها، واختلفت فتاوى أهل العلم في ذلك، وفي كلّ سنةٍ يقع السؤال عنها مجدداً، مع تجدد الجراح في بلاد الإسلام.

وقد تأملتُ هذه المسألةَ كثيراً، وذاكرتُ بها بعض أهل العلم، فظهر لي قولٌ أرجو أن يكون صواباً، وهو أن يقال:

إن المتأمل في واقع المضحّين في بلادنا يجد أنهم لا يخرجون عن هذه الأحوال الثلاث:

الحال الأولى: من ليس عنده إلا أضحية واحدة فقط، فهذا لا ينبغي له أن يخرجها خارج البلاد ألبتة، إذْ الأصل في هذه الشعيرة أن يباشرها المكلف بنفسه أو يحضر من يباشرها، ويظهر ذلك، تعظيماً لهذه الشعيرة، وتربيةً لمن تحت يده ومن حوله على ذلك، وهذا ـ لا ريب ـ أكمل في الامتثال، وهو الأصل في هديه صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده.

الحال الثانية: أن يكون عنده أكثر من أضحية، سواءٌ كانت له، أم كان وصياً عليها، فمثل هذا لو ذبح أضحيةً واحدة، فقد أصاب صاحبه السّنة في ذلك، وأتى بالمشروع من إظهار الشعيرة، وانتفى المحذور من خفائها، فله أن ينقل ما شاء منها خارج البلاد ما لم ينص الموصي على تعيين محلها.

الحال الثالثة: أن يجتمع آل الرجل وأقاربه ـ من أبناء وإخوان ـ في مكان معتاد لهم يذبحون فيه الأضاحي، وقد يكون مجموع ما يذبح في هذا المكان خمسٌ أو عشرٌ، فهؤلاء في حكم الحال الثانية، فلو ذبحت أضحية واحدة أو اثنتان فقد أصابوا السنة، وحصل بذلك إظهار الشعيرة، فلو دفع بعضهم أضحيته إلى الخارج، فلا حرج عليه.

ويقوى القول بالجواز وارتفاع الحرج تماماً في الحالين الثانية والثالثة مع شدة المسغبة التي تمر بها كثير من بلاد الإسلام، التي طحنتها الحروب، أو اكتوت بنار تقلبات الأنظمة السياسية فيها، وطال أهلها التشريد والتهجير، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومما يتصل بهذا: أن تكون الأضاحي في بلد المضحي مرتفعة السعر جداً، لا يطيقه كثير من الناس، بينما هي في الخارج بسعر قليل يستطيعه أكثر الناس، فإما أن يقال بمنع التضحية في الخارج رغبةً في إظهار الشعيرة في بلد المضحي أو يقال بالجواز لتحقيق مصلحة التضحية، ولما يترتب على ذلك من منافع عظيمة، لا تقتصر على مجرد أكل اللحم، بل من وراء ذلك تقوية المودة والمحبة بين المسلمين، وشعورهم بأنهم جسد واحد.

ولا ريب أن القول الثاني أقرب إلى مقاصد الشريعة، وبه يحصل إظهار الشعيرة أيضاً في بلد آخر، وبلاد الإسلام في هذا سواء، فحيثما ظهرت الشعيرة، فقد تحقق المراد، مع مراعاة ما سبق ذكره في الحال الأولى. والله تعالى أعلم.

أخوكم/ عمر المقبل

3/ 12 / 1435هـ

21192 زائر
158 | 10
المقال السابق
المقال التالى

روابط ذات صلة
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:53:51
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 01:26:57
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:57:18
التاريخ: 1/11/1440هـ الموافق: 2019-07-04 13:09:28
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 06:59:08
التاريخ: 1/9/1435هـ الموافق: 2014-06-28 00:55:45
التعليقات
هناء (غير مسجل)

جزاك الله خيرا ونفع الله بك مقولة قيمة نفعتني جدا وانا بالسويد ستوكهولم. بشركم الله بالجنة. ام توحيد.