لا يستريب مؤمن أن هذه الأمور التي ذكرت هي ضرب من الكهانة، والله سبحانه وتعالى بيَّن لنا في القرآن منافع النجوم، وأنها في ثلاثة أشياء: رجومٌ للشياطين، وعلاماتٌ يهتدى بها، وزينة للسماء.
فمن ادعى شيئاً من المنافع لها غير ذلك؛ فقد قال بغير علم، وفي الحديث: ((ومن اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر))([1]).
وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن قراءاتها والاطلاع عليها -ولو من باب التسلية- لا يجوز؛ لما فيه من المفاسد الدينية، ومنها:
- أن توقعات هؤلاء قد توافق وتصيب، فيقع في قلب القارئ ميلٌ لهم، وتصديق لخرافاتهم.
- أن كثرة الاطلاع، أو السماع والمشاهدة لأمثال هذه البرامج، يورث الاستخفاف بها، وعدم إنكارها، وقد يفضل إلى تصديقها.
والعاقل يدرك -بدون تأمل- كذب هؤلاء الدجالين،فهم يرجمون بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى،كما قال سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}(سورة النمل:65).
ومما يوضح لك دجلهم وكذبهم: أن هذه المواقع تذكر أن من ولد في البرج الفلاني فسيقع له كذا وكذا، فهل يمكن أن يتفق عشرات الملايين على نفس المآلات؟ بل قد يولد توأمان ويقع بينهم اختلافٌ كبير، وهذا دليل واضح على كذبهم، واستغلالهم لجهل الناس، وتعلّقهم بالمغيبات، ولهذا تجدهم يقولون كلاماً عاماً: مثل: "لا يمكن لك أن تقدم على العمل الذي تريد"، أو: "أقدم"، أو: "لا تتردد فيما تتوقع"، وهذا كلام عام يصلح لكل أحد، فيقول أحدهم: فعلاً -والله- قرأتُ وما ترددت فكان ذلك، فيُصدِّق بذلك السذَّجُ من الناس.
فالواجب الحذر من ذلك، وعلى المؤمن أن يكون صادق التوكل والاعتماد على ربه الذي بيده النفع والضر، وليتذكر أن ما أخطأ الإنسان لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه، والله المستعان.
ارسال الفتوى