السؤال رقم(4933) الذي أرسلته الأخت ابنة الإسلام:
والجواب عن سؤالها طويل، ولكن أختصره في النقاط الآتية حسب أسئلتها الواردة في سؤالها:
1) حديث أسماء الذي ذكرت الأخت الفاضلة، أخرجه أبو داود وغيره، وهو حديث منكر، ضعّفه أبو داود وغيره من الأئمة، وفيه عدة علل ليس هذا محل ذكرها، ويمكن للسائلة أن تراجع للاستزادة كتاب: (نصب الراية: 1/299).
وإذا ثبت ضعفه، فلا يعارض النصوص الكثيرة جداً من القرآن والسنة التي تدل على وجوب تغطية الوجه عن الرجال الأجانب -غير المحارم-، وأحيل أختي الفاضلة على كتاب فضيلة الشيخ بكر أبو زيد (حراسة الفضيلة)؛ ففيه ما يغني عن الإطالة هنا، وفيه كلام مقنع إن شاء الله.
2) أما القول بوجوب كشف وجه المرأة حال الطواف، فما الدليل عليه؟ صحيح أنه ورد حديث "إحرام المرأة في وجهها" لكنه ضعيف، لا يصح عن النبي e، ولاشك أن كشف وجه المرأة حال الإحرام أفضل، لكن كونه واجباً، فهذا قد قيل به، لكن لا أعلم دليلاً ـ حسب البحث والسؤال ـ على الوجوب، وإذا تعارض الأفضل مع أمر واجب، فالواجب مقدم، لعموم الأدلة الدالة على وجوب تغطية الوجه عن الرجال الأجانب.
3) أما الزينة الواردة في الآية، فقد اختلف فيها العلماء، والجواب على الإشكال الذي ذكرت، فأحيلك على كتاب الشيخ بكر الآنف الذكر من ص(56-64) ففيه جواب شاف.
4) أما معنى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} فهو:
أن المرأة إذا تحجبت، وغطت وجهها وصدرها بالجلباب ـ وهو ثوب أكبر من الخمارـ، فإن ذلك أبعد لهن عن الأذية التي قد تلحق بمن تكشف زينتها ـ والوجه من أعظم مواطن الزينة ـ بينما إذا لم يحتجبن فربما حصل لهن أذية، وأمر المعاكسين شاهد بين على صدق هذه الآية، ولذا كان الاحتجاب حاسماً لمطامع الطامعين في النساء.
5) لو أن الأخت السائلة أحسنت عرض السؤال تأدباً مع أحكام الشريعة الصادرة عن أحكم الحاكمين، فلم تقل: لماذا أمر الله...؟ ولو قالت: ما الحكمة من كذا وكذا؟، أما الجواب عن سؤالها، فيقال فيه:
إن الله تعالى ركّب الميل في الرجال إلى النساء عموماً والوجه خصوصاً، ومعلوم أن المرأة قد تخرج وقد وفي يديها أو رجليها بعض الحلي، أو كان جسدها ملفتاً للنظر، أو ربما حرك الهواء شيئا من ثيابها فبدا بعضٌ من زينتها المستترة بالعباءة، أو غير ذلك من الأحوال، فلربما وقع من الرجل - عند إدامة النظر- ثوران للشهوة، وحصول للفتنة، وهذا أمر يعرفه الرجال، حتى شكا إليّ أحدهم شدة تأثره من مجرد رؤية شبح المرأة ولو كانت لا يُرى منها شيء البتة.
من أجل ذلك ـ والله أعلم ـ أُمِرَ الرجال بغض البصر.
وقد ذكر بعض العلماء أن هناك فرقاً دقيقاً بين نظر المرأة إلى الرجل، ونظر الرجل إلى المرأة من حيث الخصائص النفسية للصنفين، وذلك أن في طبيعة الرجل الإقدام، فهو إذا أحب شيئا يسعى في حصوله والوصول إليه، بعكس المرأة، فمن طبيعتها التمنع والفرار، وهي ما دامت على فطرتها، لم تنسلخ منها، لا يمكن أن يكون فيها من الجرأة والوقاحة والإقدام ما تتقدم به بنفسها إلى شيء تحبه وتعجب به، ولهذا راعى الشارع الفرق الطبعي بين الصنفين، فلم يشدد في النهي عن نظر المرأة إلى الأجانب بخلاف نظر الرجل إلى المرأة.
والله أعلم.
ارسال الفتوى