استراحة قلم

QR code
أ.د. عمر بن عبدالله المقبل
تاريخ التحديث: 2016-10-03 16:13:46

استراحة قلم

 

منذ افتتاح الموقع الشخصي أوائل عام 1433هـ - وبناء على مشورة بعض الأفاضل - وأنا ملتزم بمقال أسبوعيٍ أُطِلُّ فيه على الزوّار الكرام للموقع، وكانت أكثر موضوعات هذه المقالات تدور على ثلاثة محاور: العلم، والدعوة، والتربية([1]).

هذا الالتزام الأسبوعي له ثمن بلا شك، فالزائرُ مِن حقّه أن يجد شيئاً مفيداً يُضيفه إلى معرفته، ويستحق الوقتَ الذي منحه لك ليقرأ ما سطرتَه، فليس تسويدُ الأوراق أو صفّ الحروف غايةً بذاتها، هذا الثمن يتمثل في كثرة القراءة وتنوعِها بما يخدم الهدفَ من المقال، وكذلك حسن المتابعة لما يدور في الساحة العلمية والدعوية؛ ثم تسخير القلم للحديث في هذه الحقول؛ إما في مشاريع مقترحة، أو في نقدِ بعض المظاهر السلبية، أو في الثناء على بعض الأفكار الإيجابية، وهكذا.

ومن أهمّ ما شجّعني على الاستمرار هو ما كنت أجِده من تفاعلٍ حسَن مع بعض المقالات - سواء كان التفاعل فردياً أم مؤسسياً - مع يقيني بأن عدداً من المقالات لم يكن بالقدْر المرضيّ لي شخصياً، لكن هي دلالة على ضعفنا نحن البشر، وحاجتنا إلى المراجعة الدائمة والناقدة.

ومن المفارقات أن تكتب مقالاً ينتشر وتصلك عنه ثناءات من هنا وهناك لم تكن تخطر ببالك، والعكس صحيح؛ فكم من مقال تظنّ أنه سيحظى بشيءٍ من التفاعل، فلا يقع هذا! ولله في خلقه أسرارٌ وشؤون.

وحين توقفتُ عن الكتابة في نهاية العام الدراسي الماضي (1436/ 1437هـ)، رأيتُ أن هذا التوقف لا بد أن يصحبه تزوّدٌ من أهم مغذّيات هذه المقالات ـ وهي القراءة ـ، لعل الكتابة في هذه الزاوية تكون أكثر فائدة وعمقاً، ولهذا آثرتُ أن تكون الكتابة نصف شهرية، مع بداية الدراسة والعام الهجري الجديد.

هذا التوقف والمراجعة في نظري شيءٌ ضروري ولا بد منه لكل كاتب، أو مقدِّمٍ لبرنامج إعلامي، فالإنسان في كل يوم يتعلم، وفي كل يوم يكتشف مزيداً من جوانبِ نقصِه وأخطائه.. وإن مِن نعم الله الوافرة عليّ أن وهبني أصدقاء نَبَلاً([2])، يقترحون ويسدّدون ويصوِّبون قبل نشر المقال وبعد نشره، فأنا لهم مَدين وممتنّ وداعٍ.

لقد كنتُ من البداية أُدرك أن الكتابةَ الأسبوعية ليست بالأمر السهل، خاصة على حديثِ التجربة بها من أمثالي، وكنتُ أشعر أن المقال أشبه ما يكون بالمولود.. يمرُّ بعدّة أطوار حتى يكون خَلقاً آخر قابلاً للنشر.

لقد كانت كتابةُ بعض المقالات عندي تشبه حالةَ المخاض؛ أجد في تحريرها عُسْراً في صياغة الفكرة، أو في اختيار المدخل المناسب لها، بينما كان بعضُها يجري على طرف القلم، تتسابق أفكارها وكلماتها، وأعاني من اختصارها.

وحُقّ لي بعد هذه التجربة المتواضعة - التي امتدت أربع سنوات تقريباً - أن أُبدي دهشتي من بعض الكُتّاب الذين يكتبون بشكلٍ يومي في بعض الصحف! كيف وماذا يكتب؟ أم هو يتحدّث ولا يقول شيئاً؟!



([1])  وقد يسر الله طبع هذه المقالات في مجموعتين تحملان اسم الزاوية الأسبوعية التي اخترتها لهذه المادة "مرافئ"، والمجموعة الثالثة في الطريق إن شاء الله للطبع.

([2]) النُّبْل: الذَّكاءُ والنَّجابة، وكلمة نبيل تُجمع على: نُبَلاء، ونَبَل، ونَبَلة. انظر: العين (8/ 328)، المخصص (1/ 256)، لسان العرب (11/ 640)، المصباح المنير (2/ 591)، أساس البلاغة (2/ 244)، شمس العلوم (9/ 6457).

3672 زائر
2 | 0
المقال السابق
المقال التالى

بين العشر والعشر


روابط ذات صلة
إن للحافظ ابن رجب : (ت: 795هـ) كتاباً بديعاً حافلاً بالفوائد، اسماه "لطائف المعارف"، جمع فيه من العلوم والفوائد المتعلقة بالشهور والأيام ما تَقرّ به عينُ طالب العلم، وراغب الفائدة. ومِن جملة هذه الفصول التي تحدث فيها؛... المزيد
التاريخ: 2/1/1441هـ الموافق: 2019-09-01 05:25:00
د. عمر بن عبد الله المقبل
أيها الإخوة في الله: إن نهاية الأعوام، وبداية السنوات لها في النفس أثرٌ معنوي، ودلالات معينة، وهي تختلف من شخص لآخر بحسب دينه، وبحسب نظرته للحياة، إلا أن المسلم الفطن -وهو يعيش أواخر عام وبدايات آخر- يتعامل مع هذه... المزيد
التاريخ: 2/1/1441هـ الموافق: 2019-09-01 05:24:07
د. عمر بن عبد الله المقبل
ففي مثل هذه الأيام من كل عام تتوارد الأسئلةُ على أهل العلم عن حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد. وكالعادة - في مثل هذه المسائل التي لا نص فيها- يقع الاختلاف بين أهل العلم، والأمر إلى هذا الحد مقبول؛ لكن أن يجعل ذلك من... المزيد
التاريخ: 2/1/1441هـ الموافق: 2019-09-01 05:23:36
أ.د. عمر بن عبدالله المقبل
إن المقام ليس مقام حديثٍ عن مزايا هذا التاريخ، بل هي نفثة مصدور مما أراه من استفحال التعلق بالتاريخ الميلادي إلى درجة ربط الشعائر الدينية به! ولو تأمل الإخوةُ -الذين يضعون تلك الوسوم (الهاشتاقات)- ما فيها من التناقض... المزيد
التاريخ: 28/12/1440هـ الموافق: 2019-08-29 06:54:23
د. عمر بن عبدالله المقبل
ومن المهم جداً ـ ونحن نتحدث عن هذه الصور وغيرها كثير ـ أن يكون أداؤها وفعلُها بلا مِنّة، بل بنفْسٍ منشرحة، تشعر بأن المنَّة كلَّها لله؛ أن جعل يدَه هي العليا المنفقة الباذلة، وأن يستشعر أنه لولا فضلُ الله لكان في مكان... المزيد
التاريخ: 29/11/1440هـ الموافق: 2019-08-01 07:42:10
د. عمر بن عبد الله المقبل
لقد طُرِقتْ هذه المسألةُ كثيراً، لكن مع تكرُّر الشكوى من المصائب، وتجدد الهمومِ والمنغّصات؛ كان تقريبُ كيفية تلقّي هذه الأقدار المؤلمة مِن الأهمية بمكان، مستفيداً من نصوص الوحيين، وكلام العلماء والعقلاء، وقد نظمتُها... المزيد
التاريخ: 18/11/1440هـ الموافق: 2019-07-21 08:25:37
التعليقات
طالبة جامعية
بارك الله فيك شيخي واستاذي