الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الوقت من أعظم شروط الصلاة، والأصل أن تُفعل كلُّ صلاة في وقتها، لقوله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا}.
ورخصة الجمع المتعلقة بالسفر لا تجوز إلا بعد الشروع فيه؛ لأن الشرع علّق هذه الرخصة بوصف السفر، وهو مفارقة عامر البلد، ولأن الإنسان قد ينوي السفر ثم لا يحول بينه وبين سفره مانع.
لكن لو قدّر أن في تأخير الوضوء عليك ـ أيتها السائلة ـ مشقّة ظاهرة، وحرج في البحث عن مكان الوضوء، وقضاء الحاجة، فلعله لا حرج عليك إن شاء الله في الجمع في هذه الحال؛ لعموم أدلّة رفع الحرج في الشريعة، ومنها: قوله تعالى:{وَمَاجَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]؛ ولحديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما ـ الذي رواه مسلم ـ قال: «جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، في غير خوف، ولا مطر»، قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: «كي لا يحرج أمته»، وفي لفظ: ما أراد إلى ذلك؟ قال: «أراد أن لا يحرج أمته»([1])، والله تعالى أعلم.
ارسال الفتوى