الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال الصبي الصغير، والمجنون، إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، لأدلة منها:
- عموم الأدلة التي تأمر بأخذ الزكاة من المال كقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]. فالزكاة متعلقة بالمال، بغضّ النظر عن مالكه، فتجب متى توفرت شروطها.
وكقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن: "أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم"([1])، فأوجب الزكاة في المال على الغني، وهذا بعمومه يشمل الصبي الصغير والمجنون إن كان لهما مال بلغ النصاب وحال عليه الحول.
ومنها: ما رواه الدارقطني والبيهقي عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "ابْتَغُوا بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى لاَ تَأْكُلُهَا الصَّدَقَةُ"([2])، وقد روي عن غيره من الصحابة رضوان الله عليهم([3])، قال ابن العربي المالكي: "ولم يثبت له مخالف من الصحابة"([4]).
إذا تقرر هذا، فإن الولي يخرج الزكاة عن الصغير والمجنون من مالهما; كما تُخرجُ زكاة البالغ العاقل, والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه([5]).
وأما استدلال المانعين من وجوب الزكاة في ماليهما بحديث: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ عَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ »([6])، وكونهما غير مكلفين، ففيه نظر؛ لما سبق تقريره من أن الزكاة متعلقة بالمال، كما وضّحه أثر عمر رضي الله عنه، والله الموفق.
[1]- أخرجه البخاري ح (1395)، ومسلم ح (132).
[2]- رواه الدارقطني ح (1973)، والبيهقي في السنن الكبير (4/179) وقال: سنده صحيح، وله شواهد عن عمر.
[3]- ينظر: معرفة السنن والآثار للبيهقي (6/ 67)، والاستذكار لابن عبدالبر (3/ 156).
[4]- القبس في شرح موطأ مالك بن أنس (ص: 464).
[5]- ينظر: المغني (2/ 488).
[6]- أخرجه أبوداود ح (4404).
ارسال الفتوى