الفائدة الخامسة والأربعون:
قال ابن حزم - رحمه الله - في الإحكام (6/ 827) [خذ اللب ودع القشر]:
"ولكن أصحابنا - يغفر الله لهم ويسددهم - أضربوا على الواجب عليهم من تدبر أحكام القرآن، ورواية أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، واختلاف العلماء، ومعرفة مراتب الاستدلال المفرّق بين الحق والباطل، وأقبلوا على ظلماتٍ بعضُها فوق بعض من قراءة طروسٍ معكّمة، مملوءة من: قلت! أرأيت! فقنعوا بجوابات لا دلائل عليها، وأفنوا في ذلك أعمارهم؛ فصفرت أيديهم من معرفة الحقائق، وظلموا من اغتر بهم، والأقل منهم شغلوا أنفسهم في أنواع القياس وتخصيص العلل، واستخراج علل لم يأذن بها الله تعالى ولا رسوله، ولا يقوم على صحتها برهان؛ فقطعوا أيامهم بالترهات، ولو اعتنوا بما ألزمهم الله تعالى الاعتناء به - من تدبر القرآن، وتتبع سنن النبي صلى الله عليه وسلم - لاستناروا واهتدوا، ولاستحقوا بذلك الفوز والسبق، وما توفيقنا إلا بالله تعالى.