الفائدة
223: من دقائق
العلم!
"حُكي أن
أبا حامد الغزالي بلغه أن من أخلص لله أربعين يومًا تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه
على لسانه، قال الغزالي: فأخلصتُ أربعين يومًا؛ فلم ينفجر شيء، فذكرتُ ذلك لبعض
العارفين، فقال: إنك إنما أخلصت للحكمة ولم تخلص لله!
فقال شيخ
الإسلام معلقًا: وذلك لأن الإنسان قد يكون مقصودُه نيل العلم والحكمة، أو نيل
المكاشفات والتأثيرات، أو نيل تعظيم الناس له، ومدحهم إياه، أو غير ذلك من
المطالب، وقد عَرف أن ذلك يحصل بالإخلاص لله وإرادة وجهه، فإذا قصد أن يطلب ذلك
بالإخلاص لله كان متناقضا؛ لأن من أراد شيئاً لغيره فالثاني هو المراد المقصود
بذاته، والأول يُراد لكونه وسيلة إليه، فإذا قصد أن يخلص لله ليصير عالماً أو
عارفاً أو ذا حكمة أو صاحب مكاشفات وتصرفات ونحو ذلك؛ فهو هنا لم يُرِد الله، بل
جعل الله وسيلة إلى ذلك المطلوب الأدنى، وإنما يريد الله ابتداءً من ذاق حلاوة
محبته وذكره".
["درء
تعارض العقل والنقل": (٦/ ٦٦)]